عزلاء امام سطوة ماله لمريم غريب
بشك
تساعدني إزاي يعني !
هز كتفيه مجيبا
أساعدك يعني أساعدك قوليلي بس إيه مشكلتك
سمر بصمت و قد إنعقد لسانها لا تعرف بما تجيبه !
فلوس قالها بتساؤل و تابع
إنتي خريجة أيه يا أنسة
سمر مجيبة بلسان ثقيل
تسويق و تجارة إلكترونية
عثمان بإعجاب
حلو حلو أوي ثم أردف بحماسة زائفة
حملقت فيه بعدم تصديق و سألته ببلاهة
بجد !!
عثمان بضحك
أه طبعا بجد ثم سألها مبتسما
إنتي عندك كام سنة قصدي يعني بقالك كام سنة متخرجة
سمر بتوتر طفيف
أنا عندي 24 سنة و بقالي سنتين و نص متخرجة
سمر بدون تردد
طبعا موافقة لكنها تراجعت
بس أنا ماعرفش حاجة عن شغلة السكرتاريا
عثمان بثقة
ماتقلقيش هتتعلمي دي شغلانة بسيطة خالص
أشرق وجهها بإبتسامة رقيقة بينما مد يده إلي جيب بنطاله و أخرج جزدانه
سحب بعض الأوراق النقدية ثم مد يده لها قائلا
نظرت ليده الممدودة بالنقود ثم له و سألته متجهمة
إيه ده حضرتك
أجابها بإبتسامة
أنا عارف إنك محتاجة فلوس من فضلك خديهم
سمر برفض مهذب
شكرا لحضرتك أنا معايا الحمدلله
عثمان بإصرار و لطف
سمر و هي تقف علي قدميها و تختبر درجة ثباتها
إستأذن أنا بقي
نهض هو الأخر و قال لها
أومأت سمر دون أن تنظر في عينيه ثم غادرت مكتبه في هدوء
خرجت سمر من الذكري و هي تشعر بضيق شديد فمنذ خروجها من هذه الشركة لم تكف عن توبيخ نفسها لأنها أخذت منه النقود
و مرات عدة و هي في طريقها إلي البيت فكرت أن تعود و ترجع إليه ماله لكنها تذكرت ملك و فادي فإستسلمت لحكم الواقع و أكملت طريقها بفم مطبق
في ليل الإسكندرية الساحر يقود صالح البحيري سيارته الفارهة مارا بالكورنيش المطل علي الساحل و المضاء بالأعمدة التي تعكس نورها علي ماء البحر الحالك فيبدو و كأنه اللؤلؤ الأسود في ندرته
يصل صالح إلي ذلك الملهي الشهير و يدخل باحثا بعينيه عن إبن عمه
إيه يابني فينك قال صالح و هو يجلس بجانبه أمام البار و أكمل
لازم أتحايل عليك يعني عشان ترضي تقولي إنت فين أبوك قالب عليك الدنيا
عثمان بضيق
عارف
طب مارجعتش البيت ليه لحد دلوقتي
مش مستعد لإستجواب يحيى بيه و مش ناقص قرف
صالح بصراحة
إنت طينت الدنيا الصراحة أنا أعرف أنك شيطان يابن عمي بس ماتخيلتش تفكيرك يوصل لكده أبدا !
عثمان ضاحكا و هو يتناول بعض المقبلات
يمكن عشان مابتعرفش تفكر يا صالح
لأ بجد أنت إبليس ذات نفسه يصقفلك علي عملتك دي
عثمان بتفاخر
يابني أنا مش أي حد أنا عثمان البحيري يعني الفهلوة و الجبروت كله و متنساش إني إسكندراني كمان
لأ من ناحية الجبروت فأنا متأكد من دي أكتر ثم سأله بإستذكار
صحيح عملت إيه في حوار شركتك خلاص كلها بقت بتاعتك
شرب
عثمان ما تبقي من كأسه و أجابه و قد بدأت الثمالة تنطقه بما لا يريد
نطقه
إسكت ماتفكرنيش بالشغل خالص إنهاردة وقعت مع حتة بت كانت هتخرجني عن شعوري تصور إستهزأت بيا أنا !
صالح بضحكة مرحة
يا
خبر ! دي كده لعبت في عداد عمرها
عثمان بوعيد
إنت بتقول فيها و حياة أمي لأسود عيشتها !!!!!
يتبع
حاډث مدبر !
صباح يوم جديد
إستيقظت سمر من نومها عندما شعرت بشعاع حار في وجهها و يلسع جلدها الرقيق لسعات متواصلة بلا توقف فتحت عيناها بتثاقل و إنزعاج لتكتشف إنها الشمس تسللت خيوطها الذهبية عبر شباك غرفتها الموارب لتوقظها و عندما لم تستجيب لسعتها بآشعتها الحاړقة لتعاقبها
تثاءبت سمر بكسل و هي تتحرك في الفراش بعيدا عن آشعة الشمس و عقدت حاجبيها فجأة بإستغراب لقد نبهت فادي البارحة أن يأتي و يوقظها في المساء لكي تعطي ملك بنفسها جرعة دوائها لماذا لم يفعل لماذا تركها نائمة كل هذا الوقت لا يمكن أن يكون قد نسي !!
قامت سمر من فراشها و إتجهت للخارج بخطوات غير متزنة نسبيا
وجدت فادي بالصالة يقف هناك حاملا ملك التي كانت تبكي و تصرخ بشدة
و يحاول أن يجعلها تهدأ
في إيه يا فادي قالتها سمر بتساؤل و هي تمد ذراعيها لتأخذ منه ملك
أجاب فادي حائرا و هو يناولها الطفلة
مش عارف مالها أنا صحيت من شوية علي عياطها قلت جعانة فأكلتها دلوقتي بقي لاقيتها عيطت تاني شكلها لسا جعانة ثم أكمل پغضب
بس أكلها خلص
سمر بإستغراب
إنت مش بتقول أكلتها يعني شبعت !
فادي بضيق
لأ علبة اللبن بتاعتها ماكنش فيها كتير
زمت شفتيها بتفهم ثم قالت
طب إستني
و ذهبت بالصغيرة نحو غرفتها لتعود بعد لحظات و هي تمد يدها له ببعض النقود قائلة
خد إنزل هاتلها علبتين لبن و شوف لو الدوا بتاعها ناقص هاتلها غيره و كمان لو مافيش بامبرز هات
نظر فادي إلي النقود ثم لأخته و هو يقول بدهشة
جبتي الفلوس دي منين يا سمر و أردف بإبتسامة واسعة
معقول صرفولك فلوس بابا إمبارح
سمر بفتور
لأ طبعا
فادي بتعجب
أومال إيه دول كلهم جبتيهم منين !
سمر بكدر
ما أنا قلتلك إمبارح إبقي صحيني بليل عشان أحكيلك علي إللي حصل إنت إللي سيبتني لحد دلوقتي
علي فكرة جيت أصحيكي مرتين إمبارح مرة عشان تدي ملك الدوا زي ما قولتيلي و مرة عشان نتعشي سوا بس إنتي إللي مارضتيش تقومي قلت جايز تعبانة فسبيتك تنامي براحتك و خدت ملك تنام معايا ثم سألها بإهتمام
قوليلي بقي إيه إللي حصل
تنفست سمر بعمق ثم حكت له ما حدث بإيجاز شديد
إيه ده إزاي يعني قال فادي بعدم فهم و تابع
يعني المدير و لا صاحب الشركة إللي قابلتيه ده قالك مالكوش عندنا حاجة و بعدين قالك هشغلك عندي سكرتيرة !!
سمر شارحة له
لأ يابني ما قالش مالكوش عندنا حاجة قال إن بابا كان عامل مش موظف و عامل بالآجرة كمان أه كان بيعمل صيانة علي المصاعد كل شهر و كان بياخد مرتب بس إسمه مش في سجلات التوظيف يعني مالوش أولويات الموظفيين الفعليين إللي بيشتغلوا هناك فهمت
عبس فادي قائلا
فهمت و إنتي ناوية تقبلي الشغلانة دي يعني
سمر بتأكيد
أيوه طبعا إحنا محتاجين فلوس عشان نعرف نعيش أنا و إنت و ملك و الراجل كتر خيره حب يساعدني بطريقة كويسة جدا هشتغل و أجيب فلوس بجهدي إيه إللي يخليني أرفض مساعدته بقي ثم صاحت بإستذكار
و أه كنت هنسي أقولك إحنا مش هنسيب البيت أنا إمبارح عديت علي الست زينب مرات عم صابر و أشتكتلها منه و هي قالتلي هتتصرف معاه و مش هتخليه يجي يضايقنا تاني
صمت فادي قليلا ثم قال بعدم إرتياح
أنا مش مطمن يا سمر مش عارف في حاجة مش مريحاني في حكاية شغلك دي !
سمر بإبتسامة مطمئنة و هي تربت علي كتفه
ماتقلقش يا فادي و اطمن كل حاجة هتبقي كويسة بإذن الله
في قصر آل بحيري داخل حجرة الطعام الفاخرة
يجلس يحيى البحيري علي رأس المائدة تجاوره فريال من جهة اليمين أما في الجهة الأخري جلس جنبا إلي جنب كلا من صالح و صفية
تناولوا فطورهم جميعا من دون شهية و في إقتضاب شديد جدا و صالح الذي يأس من
مراضاة صفية ترك الطعام نهائيا و سكب لنفسه قدحا من القهوة راح يحتسيه و هو يهز قدمه
الغير مرئية في عصبية مفرطة
لاحظت فريال توقف زوجها عن تناول الطعام فسألته بقلق
إيه يا يحيى مالك بطلت تاكل ليه
يحيى بضيق
ماليش نفس يا فريال
فريال بحزن
ليه بس طب تحب أعملك بإيدي أي حاجة تانية
لأ مش عايز
فريال بإنزعاج
في إيه بس يا يحيى كل حاجة بقيت تقول عليها لأ مش عايز !!
يحيى بإنفعال و هو بيده علي المائدة
هو إبنك خلاني عايز أي حاجة عمل كل إللي في نفسه و مش عايز يوريني وشه لحد دلوقتي البيه كأنه بيقولي مالكش لازمةربالنسبة لي
فريال بلهجة هادئة وهي تهز رأسها سلبا
مايقدرش يا يحيى إنت أبوه عثمان بيحترمك و الله هو بس آا
يحيى مقاطعا بإزدراء لاذع
بلا بيحترمني بلا نيلة بقي أنا ماعرفتش أربيه أصلا طالع ساڤل و قليل الأدب محدش بيهمه ثم أكمل بوعيد
بس و الله لأفرجه يرجع البيت بس و هتشوفي هعملك فيه إيه !
علي فكرة يا عمي عثمان هنا من إمبارح قالها صالح ببرود و هو يرفع فنجان
قهوته إلي فمه
ليلتفت له يحيى متسائلا بصوته الخشن
عرفت إزاي إنت شوفته و هو راجع
أنا كنت سهران معاه إمبارح و رجعنا سوا بليل متأخر
حدجه يحيى پغضب و عضلات فمه ترتجف بقوة و كأنه يحاول مقاومة شړا مؤذيا لكنه فشل في ضبط نفسه فوثب من مجلسه و مشي بخطوات واسعة في إتجاه غرفة إبنه
لحقت به فريال بسرعة بينما قالت صفية و هي ترمق صالح بنظرات محتقنة
إيه إللي إنت عملته ده
صالح ببراءة مصطنعة
عملت إيه !
في الطابق الثالث من القصر و الذي تقع به غرفة عثمان حيث إختارها بعيدا عن أنظار و آذان الجميع هنا
تركض فريال وراء يحيى و تترجاه بصوت خائڤ
عشان خاطري يا يحيى بالراحة عليه إنت عارف إنه ماعملش حاجة غلط أي راجل مكانه كان هيعمل أكتر من كده
توقف يحيى بمنتصف الردهة الطويلة و إستدار لزوجته و صاح بها
إمشي يا فريال إنزلي تحت دلوقتي
فريال برفض
لأ مش هسيبكوا مع بعض و إنت في الحالة دي
يحيى بعصبية
يعني هعمل فيه إيه پالنار ماتقلقيش عليه يا حبيبتي و بعدين هو للأسف إبني أنا كمان ثم زفر بحنق و قال بشيء من الهدوء
إطمني يا ستي مش هعمله حاجة مابقاش عيل صغير عشان أعاقبه يعني أنا هتكلم معاه بس
نظرت إليه في تردد لكنها أذعنت لرغبته في الأخير و ولت تاركة إياه يذهب لغرفة عثمان بمفرده
فتح يحيى باب غرفة إبنه ليجدها غارقة في الظلام
إبتسم بسخرية ثم إتجه نحو الشرفة العريضة و أزاح الستائر عنها ليخترق ضوء النهار الزجاج المغلق و يزعج عثمان المستلقي علي وجهه فوق سريره الضخم
تململ عثمان مطقطقا عضلات ظهره ثم فتح عيناه بروية كي يتمكن من رؤية الشخص الذي إقتحم عليه غرفته دون إستئذان
فوجد والده يقف أمام السرير أحمر الوجه غاضبا
تآفف عثمان بضجر و هو يقوم ليجلس نصف جلسة سقط الغطاء حتي وسطه عندما إستوي جالسا فظهرت عضلات بطنه السداسية الصلبة
صباح الخير يا بابا قالها عثمان بلهجة
ناعسة و هو يفرك وجهه بكفيه
ليرد يحيى بغلظة
صباح